2012/07/23

الحرس البلدي يبدأ "الزحف الأكبر" من أكواخ الهنود الحمر


"هل نحن هنود حمر حتى تعاملنا الحكومة الجزائرية بهذه الطريقة"..، "يا بوتفليقة لقد انتخبناك عن قناعة، لكنك لم تأت على ذكر سلك الحرس البلدي طيلة 13 سنة من حكمك".. بهذه العبارات استقبلنا المئات من أعوان الحرس البلدي المعتصمين في
حقول البرتقال بطريق ڤرواو ببوفاريك، قبالة المطار العسكري على الطريق السريع، فرغم مشقة الصيام وعناء البعد عن الأهل والأقارب، إلا أن أعوان الحرس البلدي قرروا مواصلة الاعتصام ودخول العاصمة مهما كان الثمن في يوم "الزحف الأكبر على العاصمة".
كانت الساعة تشير إلى السابعة والنصف مساء، عندما وصلنا إلى مخيم الحرس البلدي بضواحي بوفاريك حيث يخيل لك وكأن قبيلة للهنود الحمر قد حطت رحالها ببوفاريك، حيث نصب المئات من الأعوان أكواخا من القصب والقش أشبه بأكواخ قبائل الهنود الحمر، لتقيهم لفحات الشمس وسط حقل من القمح تم حصده وآخر لأشجار البرتقال، زينتها الرايات الوطنية التي ظلت مرفرفة على امتداد المخيم، ومنهم من كان بالزي الرسمي ومنهم بزي مدني، منهم من افترش أغطية او كرتونا ومنهم من لم يجد إلا الأرض لافتراشها .
قوافل من المتبرعين وفاعلي الخير ومطبخ على الهواء الطلق
كانت الأجواء غير عادية بمخيم الكرامة كما يحلو للأعوان تسميته، فالحركة دؤوبة، ومن حين لآخر تتوقف سيارة أو شاحنة محملة بما لذ وطاب من تبرعات المحسنين وفاعلي الخير من بوفاريك والبليدة وضواحيها، وفي كل مرة تأتي التبرعات ينادي مناد على الأعوان الذين لم ينالوا حصتهم من الإفطار بعد "هلموا لأخذ حصكتم".. تضامن غير مسبوق بين الأعوان الذين قدموا من مختلف الولايات، وحرص على أن يكون الإفطار للجميع دون استثناء، حيث ذكر منسق الحرس البلدي حكيم شعيب الذي كان مرابطا في عين المكان رفقة المعتصمين أنه "فضلا عن المطعم الذي أقمناه في الهواء الطلق، فإن تبرعات الإفطار تأتي من المواطنين وفاعلي الخير"، وأضاف "الشربة والبوراك والتمر واللبن وزلابية بوفاريك، وكل شيء متوفر في طبق الإفطار، لكنه إفطار ناقص، لأنه في مخيم الهنود الحمر كما ترون وليس بين الأهل والأحباب"، وتابع شعيب "لم نكن نتصور يوما أن تعاملنا الدولة التي وقفنامعها بالأمس حتى لا تسقط في وجه الارهاب، وتدفع هي بنا إلى هذا المخيم".
في مكان منزو من المخيم، جلس أحد الأعوان باكيا ورافضا الكلام مع زملائه، سألناهم عنسبب بكائه، فقالوا بأنه تحدث مع ابنته فأخبرته بأنه لا أكل ولا شرب لها إلا بعد عودته إلىالبيت.
شربة في قارورات المياه ومائدة فطور على الأرض
قبيل موعد الإفطار، افترش أعوان الحرس البلدي الأرض جماعات جماعات، حيث وقفت "الشروق" على صورة جد معبرة ومأساوية في نفس الوقت، حيث تناول العشرات، بل المئات من الأعوان شربة الافطار في قاروارات مياه معدنية تم قطعها، واحتساء الشربة منها مباشرة.
سألنا أحد الأعوان كان يحمل نصف قارورة معبأة بالشربة، عن هذه الوضعية التي يعيشونها فقال "ماعليهش من أجل كرامتنا كل شيء يجوز"، وأضاف "نحن اعتصمنا قبل رمضان وفي رمضان وسنعتصم بعد رمضان، شعارنا واحد وهو الجوع لا الرجوع".
وأضاف آخر "أنتم ترون بأعينكم، فالحرس البلدي لا يحملون لا سيوفا ولا أسلحة بيضاء كما روج البعض نحن مسالمون"، وأضاف "أعاهدكم أنني لن أرتدي البذلة الزرقاء في إطار رسمي بعد اليوم"، وأردف "السلطات عاملت إيليسا أحسن منا وأغدقت عليها الأموال وعاملتنا كلاجئي حرب في وطننا".
..عند الثامنة و3 دقائق، أعلن أحد الأعوان عن حلول موعد الإفطار بواسطة صفارة، دعانا أعوان الحرس البلدي إلى مائدة على الأرض تحت شجرة برتقال، تمر ولبن وشربة وعصير، وفي كل مرة يحاول عون من الأعوان ان يمنحنا بإلحاح جزءا من حصته.
وجبة إفطار وعلى بساطتها ومكان تناولها، كانت تعكس مدى إصرار وعزيمة الأعوانالمعتصمين على بلوغ أهدافهم، والخروج في زحف على العاصمة لم يحدد تاريخه بعد.
غادرنا "مخيم الكرامة" كما يسميه الأعوان وكلهم أمل في أن تنظر السلطات إلى مطالبهم، مؤكدين على أن بيان وزارة الداخلية شيء، وما استفاد منه الأعوان على أرض الواقع شيء آخر، حيث ناشدوا رئيس الجمهورية التدخل وانصاف هذا السلك الذي سقط منه أكثر من 4 آلاف شهيد على حد تأكيدهم.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire